المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني هي الجهة الحكومية المعنية بالتدريب التقني والمهني في المملكة العربية السعودية منذ عام 1400هـ/1980م، وتختص المؤسسة بتنمية الموارد البشرية الوطنية من خلال التدريب، بما يسهم في سد احتياجات سوق العمل من القوى البشرية منذ صدور قرار مجلس الوزراء بالموافقة على تنظيم المؤسسة بالقرار رقم م/30 وتاريخ 10 شعبان 1400هـ. وقد صدر قرار مجلس الوزراء الموقر رقم (268) وتاريخ 14 شعبان 1428هـ بإعادة تنظيمها، وتحديد مهامها وأهدافها.
وتقدم المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني برامج التدريب التقني والمهني للذكور والإناث وفقًا لطلب سوق العمل الكمي والنوعي، حيث تقدم العديد من البرامج التدريبية في منشآتها التدريبية من كليات تقنية ومعاهد، وكذلك في معاهد الشركات الاستراتيجية، والكليات التقنية العالمية، بالإضافة إلى برامج تدريبية في منشآت التدريب الأهلي، وبرامج مساندة مجتمعية مرنة. ويصل العدد الإجمالي لمنشآت المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني 283 منشأة تغطي كافة أرجاء المملكة العربية السعودية.
وبحسب نتائج مؤشر المعرفة العالمي الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، تحتل المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني المرتبة التاسعة عالمياً للعام 2021م، بعد أن كانت تحتل المرتبة الثانية عشر في عام 2020م، والمرتبة 86 في عام 2019م، والمرتبة 117 في عام 2018م. ويسعى مؤشر المعرفة العالمي إلى توفير مدخل للدول للنهوض بإستراتيجيات التفكير المتقدم في تعزيز اقتصادات المعرفة القوية، حيث يقيس المعرفة على مستوى العالم، كمفهوم شامل ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتنمية المستدامة وبمختلف أبعاد الحياة الإنسانية المعاصرة.
التخصصات والبرامج التدريبية
تقدم المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني أكثر من (250) تخصصاً وبرنامجاً تدريبياً، من بينها:
1. برامج تدريبية في المنشآت التابعة للمؤسسة من كليات ومعاهد، ومعاهد الشركات الاستراتيجية، والكليات التقنية العالمية.
2. برامج تدريبية في منشآت التدريب الأهلي.
3. برامج مساندة ومجتمعية مرنة.
وتقوم المؤسسة بشكل مستمر بالتوسع في برامج التدريب لتوفير احتياجات سوق العمل بناءً على رؤية المملكة 2030.
البدايات
يرى بعض الباحثين أن بداية التعليم الفني والمهني كانت في الحجاز، حيث أدت عوامل متعددة في التأثير على مجريات الحركة التعليمية بشكل عام، والتعليم الفني والمهني بشكل خاص؛ ففي عام 1328هـ/1908م اُفتتحت مدرسة صناعية في مكة المكرمة وأُوفد لها معلمون من استانبول، ومن أهم المدارس الرسمية التي جمعت بين التعليم العام والتعليم الفني خلال فترة توحيد المملكة العربية السعودية المدرسة الرشيدية التي أنشئت بين عامي 1301-1303هـ/ 1881-1883م، حيث كانت تقوم بتدريس مواد المقاييس، والأعداد المركبة والكسور، والخط، والرسم، وأصول مسك الدفاتر، والحساب، والهندسة المسطحة، والمجسمة، والمثلثات، والعلوم الشرعية، والعربية، والاجتماعيات، ومهن النجارة والحدادة، وصناعة الأحذية.، وكما كانت البداية في إنشاء مدرسة صناعية بجدة في عهد الملك عبد العزيز في عام 1369هـ، ومدة الدراسة فيها ثلاث سنوات بعد المرحلة الابتدائية، ثم تلاها نظام الخمس سنوات بعد المرحلة الابتدائية وكانت تسمى بالثانويات الصناعية، ثم تلاها نظام الأربع سنوات بعد الايتدائية، وكانت تسمى بالمدارس المتوسطة الصناعية، وكما أُفتتحت أول مدرسة ثانوية صناعية بالمملكة عام 1380هـ/1381م، وكانت تُسمى بكلية الصناعات.
نشأة المؤسسة وتطورها
تعود بدايات التدريب التقني والمهني في المملكة العربية السعودية إلى فترة زمنية مبكرة، إذ كان موزعا بين ثلاث جهات حكومية آنذاك، فوزارة المعارف كان يتبعها التعليم الفني الثانوي (الصناعي، والزراعي، والتجاري)، ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية كان يتبعها التدريب المهني (مراكز التدريب المهني)، ووزارة الشؤون البلدية والقروية كان يتبعها معاهد المساعدين الفنيين، ولاهتمام الدولة بإعداد القوى البشرية في المجالات التقنية والمهنية، ولتزايد الحاجة لتأهيل الشباب السعودي في المجالات التقنية والمهنية؛ رُئي أن تكون جميع مجالات التدريب التقني والمهني تحت مظلة واحدة، فصدر الأمر الملكي رقم (30/م) وتاريخ 10/8/1400هـ القاضي بإنشاء المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، وضم المعاهد الفنية ومراكز التدريب المهني تحت مظلتها.
وبناءً على ذلك بدأت المؤسسة في مزاولة مهامها مستمرة في تطوير البرامج، وتنمية الموارد البشرية؛ بما ينسجم مع حاجة البلاد لتلبية احتياجات قطاع الأعمال.، ونتيجة لذلك ظهرت الحاجة الملحة إلى إيجاد كوادر وطنية مؤهلة تأهيلًا عاليًا، تكون قادرة على النهوض بمتطلبات خطط التنمية الطموحة للدولة، وتوّجت تلك الحاجة بصدور الأمر السامي رقم (7/هـ/5267) وتاريخ 7/3/1403هـ المؤيد لقرار اللجنة العليا لسياسة التعليم رقم (209) /خ م وتاريخ 29/10/1402هـ المتضمن ضرورة الاهتمام بالتعليم التقني على مستوى الكليات التقنية؛ لتفتح مسارات أخرى للتعليم العالي في مجال تنمو وتشتد إليه حاجة البلاد. وتضمّن الأمر السامي التأكيد على أن تكون مسؤولية التوسع في هذا النمط مسؤولية المؤسسة، وقد حقق ذلك العديد من الإيجابيات ومنها:
1. عدم هيمنة المنهج الأكاديمي، وبالتالي حفاظ الكليات التقنية على وظيفتها ورسالتها الخاصة المتمثلة في الإعداد لسوق العمل والاهتمام بمتطلباته.
2. تنفيذ البرامج التدريبية في المؤسسة في ثلاثة مستويات مهنية: التدريب المهني والصناعي (المستوى الثاني والثالث)، والتدريب التقني (المستوى الرابع) وتعكس هذه المستويات مخرجات المؤسسة ذات التأهيل المتنوع، كما أن التخصصات في تلك المستويات بينها وشائج تربط حلقاتها مما يساعد كثيراً في الاستفادة من الإمكانات المتوفرة بصورة كبيرة.
3. عدم انحسار العلاقة بين الكليات التقنية وسوق العمل، وتقريب الفجوة وتحجيمها بين البرامج التدريبية وطبيعة الحاجة في قطاع العمل.
4. توحيد المنهج والمستوى التأهيلي ومتطلبات البرامج التدريبية، والاعتماد على أسس موحدة، وتنسيق يعتمد على معايير مهنية يعدها المختصون في سوق العمل.
كما جاءت الموافقة السامية لبرنامج البكالوريوس ذات الرقم (1194) /م والتاريخ 10/6/1409هـ التي نصت على «أن تقوم المؤسسة بتطوير الكلية التقنية بالرياض ومد فترة الدراسة فيها إلى أربع سنوات لكي تمنح درجة البكالوريوس في الهندسة التقنية». وتوسعت المؤسسة في برنامج البكالوريوس التقني التطبيقي في الخطط التدريبية لحاجة قطاع الأعمال لتأهيلٍ عال لبناء القدرات القيادية في المجالات التقنية والمهنية.
وقامت المؤسسة في العام 1418/1419هـ بإنشاء مركز لخدمة المجتمع والتدريب المستمر، والذي تنطلق مهمته من الرغبة في تسخير إمكانيات المؤسسة المادية والبشرية لخدمة احتياجات قطاعات العمل المختلفة، لما يحققه ذلك من استثمار أفضل للموارد الفنية والبشرية وربط الوحدات التعليمية والتدريبية بتلك القطاعات. كما أُنشئ معهد إعداد المدربين ومركز الوسائل بالرياض، وكان من أهم المرافق التدريبية والتطويرية في مجال إعداد المدربين الفنيين لسد احتياجات مرافق التدريب المهني في كافة التخصصات، ويُقدم نوعين من البرامج هما: البرامج الإعدادية، والبرامج التطويرية.
وبإنشاء الكليات التقنية وضعت المؤسسة مسارات التدريب التقني والمهني في منظومة متدرجة؛ لإعداد القوى البشرية المؤهلة تأهيلًا فنيًا بمستويات مختلفة تلبي حاجة السوق المحلية من الأيدي التقنية والمهنية العاملة الماهرة بمستوياتها المختلفة. وإكمالًا لفكرة ضم مجالات التدريب التقني والمهني تحت مظلة واحدة صدر قرار مجلس الوزراء رقم (3108/م ب) وتاريخ 4/3 /1426هـ بإلحاق قطاع التدريب المهني للبنات بالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وإنشاء كليات تقنية للبنات، تركز عنايتها على البرامج التدريبية المهنية للمرأة، وتمكنها من الحصول على العمل المناسب بعد التخرج.
وفي العام 1428هـ تمت إعادة هيكلة المؤسسة بناء على توجهات الدولة، وصدر بذلك الأمر السامي رقم (268) بتاريخ 14-8-1428هـ. واستمرت المؤسسة في تطوير البرامج التدريبية للتركيز على المهارات وكفاءة التشغيل، واستقطبت أفضل الخبرات الدولية في مجال التدريب التقني لتشغيل الكليات العالمية، ومعاهد الشراكات الاستراتيجية، وبناء قدرات الكليات القائمة لرفع جودة التدريب، والاستفادة المثلى من الموارد البشرية والمالية المتاحة للمساهمة في تقديم تدريب نوعي متميز. ولأهمية التكامل بين التعليم بمختلف مستوياته والتدريب؛ فقد صدر قرار مجلس الوزراء (469) وتاريخ 20/7/1438هـ بأن يرأس مجلس إدارة المؤسسة معالي وزير التعليم.